قراءة في الاتفاق السياسي الليبي بعد صدور المسودة الرابعة

 يونيو 24, 2015

بقلم: الزهراء لنقي

انصبت مفاوضات الصخيرات التي تُعد الجولة الأخيرة ضمن المفاوضات الجارية بين القوى السياسية الليبية برعاية المبعوث الأممي السيد برناندينو ليون على إصدار مسودة رابعة للاتفاق السياسي الذي سيُعد في حالة إبرامه أساسا للخروج من الأزمة الحالية. وقد كانت هناك محاولات تتوخى التوقيع على تلك المسودة الرابعة كصيغة نهائية للاتفاق السياسي في برلين في 10 يونيو ضمن سياق الاجتماع المنعقد هناك بين أطراف الحوار السياسي وممثلي الدول السبع الكبرى والدول الأعضاء بمجلس الأمن. وقد ضم أطراف الحوار السياسي أعضاء عن مجلس النواب المنعقد في طبرق، وأعضاء مجلس النواب المقاطعين، ومجموعة من أعضاء المؤتمر الوطني، بالإضافة إلى مجموعة من المستقلين. وقد كان من المأمول أن يتمخض عن ذلك كله توقيع المسودة النهائية تتويجا لمفاوضات الحوار السياسي كتعبير عن تسوية ما للأزمة تدخل حيز التنفيذ مع بداية شهر رمضان الكريم. لذلك كله كان طبيعيا أن تحوز المسودة الرابعة للاتفاق السياسي اهتماما نوعيا من قبل مختلف الدوائر المعنية بالنزاع الليبي. وقد أثارت المسودة من النقاش ما أثارت واحتدم الجدل حولها واحتد الخلاف بإزاء تقييمها. ولقد كاد الجدل الحاد أن ينسف الحوار بأكمله نسفا وإرجاء التوقيع لأجل غير مسمى. مما شد انتباه كثير من المراقبين بإزاء ذلك الجدل تنوع ردود الفعل بشأن المسودة الرابعة. فقد رأى فريق أن المسودة الرابعة “وثيقة دستورية جديرة بأن تُدرس في كليات العلوم السياسية” لأن الاتفاق الذي انطوت عليه دفتاها اتفاق شامل وجامع ومنصف لكل الأطراف. بالمقابل فقد رأى فريق ثانٍ أنها انقلابٌ على الشرعية والعملية الديمقراطية وعلى المسودة الثالثة وعلى مسار الحوار برمته. ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ رأى فريق ثالث أن العملية قد شابها الغش والتدليس وهو ما يجعل المسودة الرابعة باطلة وخليقة بالرفض. كل ذلك يجعل المسودة الرابعة جديرة بالدراسة المتأنية والتحليل. وهذا ما تؤمل الورقة الماثلة القيام به، فهي تتوخى تقديم قراءةٍ لتلك المسودة منضبطة بمنهج علمي، قراءةٍ تستند إلى بسط الحقائق الموضوعية كما هي أولا، ثم تسعى لتفكيكها وتحليلها بأدوات منطقية، ثم تخلص من ذلك كله إلى تقييم واقعي.

كما هو حال أي وثيقة أو اتفاقية، فمن الدقة أن تُقرأ المسودةُ في ضوء عدد من المحددات. أما المحدد الأول فهو السياق الزمني والمكاني لها أي بالنظر فيها نظرة تستضئ بالمناخ المحيط والحدود التي يفرضها والبدائل التي يتيحها. أما المحدد الثاني فهو علاقتها بمسار الحوار خلال المرحلة السابقة والمسودات السابقة عليها . أما المحدد الثالث فهو الأهداف والغايات والمنطلقات التي تضمنتها. أما المحدد الثالث فهو كفاءتها الاستيعابية، أي قدرتها على استيعاب الأطراف المتنازعة. أما المحدد الرابع فهو مضمون المسودة نفسه ومدى تماسكه.

تحاول هذه الورقة الماثلة إلقاء الضوء أولا على تحديات المرحلة والظروف الحرجة التي خرجت فيها المسودة من تحديات سياسية واقتصادية وسياسية من شأنها جعل البدائل ضيقة. ثم استعرضت الورقة بدقة من خلال جداول زمنية أطراف ومسارات ومحطات الحوار ومحصلاته للكشف عن البعد التراكمي لعملية الحوار. كما توضح الورقة متى وكيف تغيرت أطراف الحوار لينضم إليها أعضاء المؤتمر الوطني ومن ثم تغيير المعادلة بموافقة كل أطراف الحوار. كما تبين الورقة منطلقات وأقسام الاتفاق السياسي وأركانه. وترصد الورقة بداية الحديث عن حكومة وحدة وطنية أو الوفاق الوطني ومدلولات ذلك من خلال الإشارة لبعض التجارب الدولية المقارنة. كما تستعرض عن قرب هيكل نظام الحكم الذي صرح به المبعوث الأممي السيد برنادينو في أواخر شهر مارس والذي ضم منذ البداية مجلس الدولة. كيف ومتى بدقة تطور هيكل مجلس الدولة وأصبح يضم تسعين عضوا من المؤتمر الوطني. وهل جاءا ذلك غير متوقعا مما جعل البعض يصفه بالانقلاب؟ ماهي التعديلات التي ضمنتها المسودة الرابعة بدقة بخصوص صلاحيات حكومة كل من الوفاق الوطني ومجلس النواب ومجلس الدولة والحوار السياسي؟ ماهي التعديلات الدقيقة التي أُضيفت للترتيبات الأمنية المتصلة بالجيش وتفكيك الكتائب المسلحة وإعادة دمج المسلحين والدعم الدولي وذلك من خلال جداول ورسوم بيانية. كما تناقش الورقة مدى قدرة الأمم المتحدة على استيعاب الأطراف الليبية ومشاركتها في الحوار ومن هي الأطراف والفئات التي تؤيد الحوار السياسي برعاية المبعوث الأممي وماهي مواقفها من المسودات الأربع ومن هي الفئات المعارضة للحوار ومنطلقات مواقفها. وهنالك تحاول الورقة إلقاء الضوء على ديناميكية المشهد الليبي محاولة مناقشة وفهم السلوك السياسي الليبي ومواطن إخفاق المجتمع الدولي متمثلا في بعثته في التواصل وبناء جسور الثقة مع النخب الليبية.

وأخيرا تحاول الورقة مناقشة إشكاليات الاتفاق السياسي بشكل عام والمسودة الرابعة تحديدا. كما تسعى الورقة للاجابة على ما إذا كانت حقا قد حققت المسودة الرابعة هذه المعادلة الصعبة من الحفاظ على التوزان والشمول من جهة وعلى احترام المسار الديمقراطي وفصل السلطات واحترام حقوق الانسان من جهة أخرى. وما إذا كانت المسودة الرابعة ستسهم في تحقيق الاستقرار والسلم المستدام أم لا وذلك من خلال تحليل إشكاليات المسودة الرابعة المضمونية والمنهجية.

للاطلاع على البحث كاملا اضغط هنا:

http://bit.ly/1IyT4gr