تحالف حقوقي جديد بين منبر المرأة الليبية من أجل السلام ومركز القاهرة وعدد من المنظمات الليبية

 يونيو 20, 2016

مطالبة مجلس النواب وحكومة الوفاق بالبدء باتخاذ خطوات جادة لتمكين المجتمع المدني الليبي من المشاركة في إنجاح عملية سلام مستدامة ومحاربة الإرهاب

 

ليبيا طيلة الخمس سنوات الماضية من تفشٍ للفوضى، وغيابٍ لقدرة مؤسسات الدولة على بسط نفوذها على الأرض. كما تمر بمرحلة صعبة في تاريخها تتميز بحالة من الاختناق والجمود السياسي بعد توقيع وثيقة الاتفاق في ديسمبر 2015، وفشل الحكومة المركزية –حتى الآن– في بسط سلطتها على التنظيمات والمجموعات العسكرية وشبه العسكرية المختلفة، ناهيك عن انتشار السلاح وتفشي الإفلات من العقاب وانتشار الإرهاب وتزايد أعداد النازحين داخليا جراء التهجير أو كنتيجة للعمليات العسكرية وتدهور أوضاعهم الإنسانية بشكل مستمر، إضافةً إلى تزايد وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان من الأطراف المتصارعة المختلفة بشكل يدعو إلى القلق. وهو الأمر الذي يستلزم ضرورة وضع استراتيجية للحيلولة دون تدهور الأوضاع لما كانت عليه في عام 2014. إن حكومة الوفاق الوطني لن تتمكن من مواكبة التحديات الجمة التي تواجهها دون الاستماع لرؤى ممثلي المجتمع المدني والمكونات المحلية بكل طوائفهم من أجل الخروج من كنف الاحتراب الداخلي وعلى السلطات العامة الحالية القطيعة مع ممارسات الحكومات المتعاقبة في الماضي القريب التي نأت بنفسها عن فتح حوار مباشر مع المجتمع المدني وأدخلت الدولة في آتون حرب أهلية ندفع ثمنها حتى الآن.

وفي هذا السياق –اجتمع منبر المرأة الليبية من أجل السلام وعدد من مؤسسات المجتمع المدني الليبي بالإضافة إلى مركز القاهرة للدراسات حقوق الإنسان في مايو 2016، بهدف إيجاد مساحة أمنة لبحث سبل تأطير العمل فيما بينها، وتحديد أوجه وسبل رسم استراتيجيات عملها بشكل مشترك في المرحلة القادمة، وتحديد احتياجاتها وتحدياتها وسبل التواصل فيما بينها بطريقة مستدامة، فضلًا عن توحيد جهودها للتصدي لتردي حالة حقوق الإنسان في ليبيا.

خلال الاجتماع، الذي استمر على مدار يومين، اتفقت مؤسسات المجتمع المدني على أن المنظمات الأهلية أضحت هدفًا مستباحًا للكثير من الأطراف المتصارعة، وتواجه مؤسسات المجتمع المدني الليبي العديد من الصعوبات منها تصاعد العنف والهجمات المتزايدة من الجماعات المسلحة. كما تعرضت خلال الفترة الماضية للعديد من الضغوط والتهديدات على مستويات عدة؛ كإصدار وزارة الثقافة والمجتمع المدني في غرب ليبيا فى نوفمبر 2015 إخطارًا[1] طالبت فيه منظمات المجتمع المدني بإبلاغها والحصول على موافقتها قبل حضور فعاليات ومؤتمرات واجتماعات خارج ليبيا. بالإضافة إلى ذلك أصدرت مفوضية المجتمع المدني اللائحتين رقم 1 و2 لعام 2016، واللتان ينظمان تسجيل و نشاطات منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية و تكون ساريه علي الجمعيات التي تم تسجيلها منذ 2011 و يتعين عليها مراجعة عملية التسجيل خلال 3 أشهر من تاريخ إصدارها، تقيد تلك اللوائح عمل الجمعيات الأهلية بشكل مشابهة لما كان عليه في حقبة القذافي القمعية، وتؤدي هذه الهجمات إلى إغلاق الفضاء العام أمام الأصوات المعتدلة. وتقع منظمات المجتمع المدني ومعها الناشطون ووسائل الإعلام وكل من يحاول العمل بموضوعية بين سندان الموت ومطرقة النفي؛ في حين يضطر آخرون إلى وقف عملهم؛ خوفًا من الانتقام. وبالرغم من كل ذلك ظلت قلة قليلة تنازع في الداخل والخارج وسط هذا الوضع الصعب والخطير في ظل إغلاق المساحة العامة للعمل المدني السلمي، وغياب إطار قانوني يؤطر عمل مؤسسات المجتمع المدني ويحميها من التغول والهجمات المستمرة عليها. ونتيجة لذلك، احتكر خطاب المتطرفين الفضاء العام داخل البلاد؛ لكونهم الوحيدون القادرين على مواصلة العمل بأمان، في ظل الأمن والدعم المالي الذي يحصلون عليه من الفصائل السياسية والجماعات المسلحة المتنافسة.

على مستوى أخر تتواصل الانتهاكات من مختلف الأطراف على الأرض بأوجه وأشكال مختلفة، مع غياب واضح لقدرة المجتمع المدني الليبي على متابعة هذه الانتهاكات ومجاراة تسارع وتيرتها وتنامي القوى المتصارعة، ناهيك عن التمدد المستمر للإرهاب وسيطرته على رقعة جغرافية من الأراضي الليبية وسعيه لتوسيع هذه السيطرة من خلال استهداف المناطق المحيطة بمدينة سرت معقله الرئيسي، حيث منع تنظيم داعش الإرهابي سكان المدينة من الخروج لاستخدامهم كدرع بشري، بالإضافة إلى غياب الألية الدولية الناجعة لمتابعة كل هذه الانتهاكات.

ومن أبرز الأهداف التي توافق عليها المجتمعون كسر عزلة منظمات المجتمع المدني العاملة في حقوق الإنسان ومدافعي حقوق الإنسان داخل ليبيا وخارجها مع توزيع أفضل للأدوار بينهم، وخلق مجال للالتقاء والتحاور والتفكير لإيجاد الرؤية المتكاملة لأعمالهم، وخلق رؤية استراتيجية للتغيير والتأثير على مختلف الأصعدة، وسد ثغرة غياب الألية الدولية للتوثيق وتحسين قدرة منظمات المجتمع المدني الليبية على القيام بدور فعال في مجال المناصرة المحلية والإقليمية والدولية، وأيضًا دعم المشاركة الفعالة والحقيقية لمنظمات المجتمع المدني في تبني الحلول السياسية، بالإضافة إلى مراقبة تنفيذ الاتفاقيات وضمان إشراكها في المرحلة الانتقالية.

وعليه تدعو المنظمات المجتمعة للسماح بفضاء عام آمن، في إطار يضمن حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ويدعم الجهات المدنية الفاعلة –بما فيها نشطاء حقوق الإنسان والإعلاميين وعُمد البلديات المحلية وشيوخ القبائل– خلال القيام بدور رئيس في إنجاح عملية سلام مستدامة. وقد يكون تمكين تلك الجهات الفاعلة هو الأمل الوحيد لليبيا لمحاربة التطرف بجميع أنواعه ووقف انتشار الأيديولوجيات المتطرفة في جميع أنحاء البلاد.

توصيات

  • وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والخروقات للقانون الدولي الإنساني المرتكبة حاليًا، لاسيما التعذيب، القتل خارج نطاق القانون، الهجمات العشوائية الموجهة ضد المناطق المدنية والبنية التحتية المدنية واستهداف المدنيين.
  • الدعوة لوضع إطار قانوني لتنظيم عمل جمعيات المجتمع المدني بشكل غير مقيد لحرية التنظيم ومتسق مع المعايير الدولية، وإلغاء اللوائح والنصوص القانونية التي تحد من عمل المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وتفرض قيودًا عليه.
  • ضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي وحماية النشطاء ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين ووسائل الإعلام من الهجمات، وكفالة سلامتهم وضمان مناخ عام آمن لهم.
  • مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في وسائل الإعلام.
  • العمل على رفع الوعي المجتمعي بشأن العمل في مجال حقوق الإنسان ودوره في درء الانتهاكات، وحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
  • تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان في ليبيا وضمان تفعيلها واستقلاليتها.
  • إصلاح المؤسسات الأمنية من خلال عملية تدقيق شاملة وشفافة وتنفيذ الترتيبات الأمنية الخاصة، والتي تشمل وضع وبدء تنفيذ الخطط المناسبة للهياكل والقوى الأمنية، بما فيها ترتيبات فعالة للقيادة والسيطرة وفق آلية تكفل محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.
  • اتخاذ إجراءات لضمان سلامة واستقلال القضاة والمحامين وأعضاء السلطة القضائية والمواطنين الذين يسعون إلى تحقيق العدالة وجبر الضرر عن الانتهاكات التي ترتكب ضدهم أو ضد غيرهم.
  • تنفيذ عملية العدالة الانتقالية بغية ضمان وصول الضحايا إلى المؤسسات القضائية، وجبر الضرر الواقع عليهم بشكل شامل ومنصف.

    [1] لا يسمح لنشطاء المنظمات غير الحكومية حضور اجتماعات بتونس دون الحصول على إذن السلطات في طرابلس:

https://www.libyaherald.com/2015/11/26/no-meetings-without-our-permission-tripoli-authorities-tell-activists/