«منبر المرأة الليبية من أجل السلام» يحاور المرشحة لرئاسة الحكومة حنان عبدالقادر الفخاخري
رغم تداول الوسط السياسي الليبي لعدد من الأسماء المرشحة لرئاسة حكومة جديدة قد تتشكل بعد الاتفاق بين الأطراف السياسية، إلا أن قلة من بين هذه الأسماء أعلنت عن رغبة في الترشح للمنصب، من بينهم السيدة حنان عبدالقادر الفخاخري.
حنان الفخاخري ناشطة في مجال حقوق المرأة الليبية السياسية وعضو مؤسس لـ«منبر المرأة الليبية من أجل السلام» و«هيئة دعم مشاركة المرأة بصنع القرار بنغازي»، وقد حضرت العديد من الدورات والمؤتمرات بالعديد من الدول في الجانب العلمي والسياسي. ولدى حنان20 عاما من الخبرة بمجال الإدارة والمالية، وترأست وحدة الحسابات والميزانية بصندوق الضمان الاجتماعي بمدينة درنة العام 2000م، ووحدة الدراسات والتخطيط بصندوق الضمان الاجتماعي فرع درنة العام 2011م.
وللوقوف على أهم تفاصيل برنامجها الإنتخابي ورؤيتها لقضايا المرأة والشباب، أجرى «منبر المرأة الليبية من أجل السلام» الحوار التالي معها.
■ ما الذي دفعك للترشح لرئاسة الحكومة في ليبيا؟
الدافع الرئيس لترشحي هو السعي للمساهمة في الدفع الحثيث بالجهود الرامية إلى حلحلة الأزمة التي تعيشها بلادنا خاصة في هذه المرحلة التي نحتاج فيها أكثر من أي وقت مضى إلى تكثيف جميع الجهود من أجل التصدي لسلسة الانهيارات التي عصفت بالوطن، ولأهمية التركيز على رأب التصدعات التي طالت النسيج الاجتماعي والحق أضرارا فادحة في حاضر ومستقبل الوطن، كما من أولوياتنا لم شمل الليبيين وإنهاء الصراعات العبثية التي انتجت كل ما نراه من مآسي.
وحينما أعلنت الترشح وسط جمع من النساء كان ذلك لهدفين:
الأول أنني أردت جادة تمهيد الطريق أمام المرأة الليبية للذهاب إلى ما هو أبعد من الأمنيات والتطلعات المجردة بل عليها أن تلتقط اللحظة وتثبت جدارة في تقلد المراكز القيادية العليا. كما أهدف أيضا إلى تحفيزهن للترشح لمناصب الوزارات ووكلاء الوزارات، وأن يتجاوزن الدوائر الإدارية الوسطى إلى مراتب القيادة السياسية والإدارية والاقتصادية وأن تتقدم الصفوف لبناء وطن النساء فيه صرن الأغلبية.
والهدف الثاني هو إيصال رسالة واضحة الصورة والمعنى إلى كافة الأطياف السياسية، وإلى المطبخ السياسي الليبي بتونس خاصة، أن نصف المجتمع المغيب بحكم الثقافة القديمة، والذي تحاول بعض الأطراف تغييبه مرة أخرى عن الفعل الراسخ على الأرض، يعلن أنه قادر على إثبات ذاته في كل مناحي الحياة، ومنها القدرة على قيادة المرحلة المعقدة التي تمر بها ليبيا رغم الانقسامات الحادة وانتشار السلاح وتفشي التطرف بأنواعه وخاصة الديني والمتمثل في تنظيم الدولة الإرهابي (داعش) وظهوره في بعض المدن الليبية، أقول رغم كل ذلك نعلن بهذا أننا لن نتأخر عن تقديم أجل التضحيات على قدم المساواة مع الرجل الوطني بكل جدارة وكفاءة.
■ ما هي التحديات التي تتوقعين مواجهتها كونك امرأة؟
الطريق ليست مفروشة بالورود كما يقال، ومن الطبيعي أن تكون هناك العديد من التحديات التي تترصد العنصر النسائي بالإعاقة والعرقلة وعلى رأسها كما قلت تأثير الثقافة القديمة على المجتمع والتي ترسم للمرأة دوائر ضيقة من الصعب الخروج عنها وعلى رأسها أن طبيعة المجتمع الليبي كمجتمع شرقي يطغى عليه نمط سيادة الذكور على الإناث، ويكون فيه للرجل أولوية على المرأة في مراكز القيادة ولو كان أقل منها كفاءة. ونحن نستطيع استيعاب هذا الموروث الثقافي الذي نبذل كل الجهود لاختراقه بإثبات قدرة المرأة على صناعة الفعل على الأرض بعيدا عن النظريات.
كما يحب أن نعترف أن النساء لسن داعمات لبني جنسهن، وذلك بسبب الأنا وفقدان الثقة في قدراتهن، وأعني دور النساء في مركز صنع القرار، كعضوات في مجلس النواب ومجلس الدولة وغيره حيث يجب في هذه المرحلة أن يكون لهن مواقف قوية.
■ هل تظنين أن الشعب الليبي مهيأ لانتخاب امرأة لرئاسة الوزراء؟
تعلمون أن المرحلة القادمة التي أتقدم لها، ليست مرحلة انتخاب وإنما ستكون وظيفة رئاسة الوزراء بالتعيين من قبل المجلس الرئاسي الذي سيتم التوافق عليه من قبل البرلمان ومجلس الدولة، حيث سيتم اختيار ثلاث أعضاء، رئيس ونائبين وهم من يختارون رئيس الحكومة.
■ هل تعتقدين أنه سيكون للمرأة في حال تقلدت هذا المنصب نظرة ورؤية مغايرة للرجل؟
بكل تأكيد فالمرأة دائما تجنح للسلم والاستقرار وهي القادرة على ترتيب بيتها من الداخل أكثر من الرجل. والمرأة دائما تحاول أن تشرك الجميع وتلجأ إلى المشورة، ولها القدرة على إدارة الأمور بحكمة، وغالبا ما تنتهج في سياستها الأساليب اللينة ولا تعتمد العنف في إدارة أي شأن وهذا ما تحتاجه بلادنا اليوم.
■ ما هو شكل الحكومة في برنامجك، هل ستكون حكومة أزمة أما حكومة متكاملة؟
بخصوص الحكومه لقد اسميتها «حكومة الاستقرار والسلام» وهي حكومة أزمة لأن مدتها 52 أسبوعا فقط، وهذه المدة القصيرة لن يكون لها مشروع متكامل وإنما تقتصر على الأزمة. وهي تتناول جانبين مهمين؛ الجانب الأول وهو رفع المعاناة عن المواطن الليبي من خلال حلحلة الأزمات التي تواجهه في حياته اليومية، وجانب الثاني وهو أن يعم الأمن والأمان من خلال توحيد الجيش وحل الملشيات وجمع السلاح المنتشر بالبلاد
■ ما هي المعايير التي ستستندين عليها في اختيار الوزراء؟
المعايير عدة من بينها الكفاءة المهنية والتخصص، أن يكون لديه قدر من العلم والخبرة والمعرفة، الوطنية والخبرة الادارية، أيضًا القدرة على التصدى للمشاكل وتحسين الآداء في الوزارة، والقدرة على مخاطبة الرأي العام والنزاهة والأمانة والسمعة الطيبة، وأن يكون لديه سمات شخصية تؤهله لتمثيل ليبيا في المحافل الدولية، وكذلك ضروري أن يقدم مشروع الوزارة ضمن مشروعنا العام.
■ كيف سيكون تمثيل المرأة في حكومتك؟
سيكون تمثيل المرأة كبير بحسب الكفاءة والتخصص، ولن تقتصر على وزارة معينة ذات طابع نسوي.
■ ما هي رؤيتك لحل مشاكل الشباب وتأهيلهم وهل سيكون لهم تمثيل في الحكومة؟
تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، في ظل نظام سياسي هش وصراع محتدم على السلطة، من وضع هذه الفئة (الشباب) سوءاً وضياعا .وفي أثناء ذلك، يقع معظم الشباب ضحايا صراع القيم والمرجعيات الثقافية والأيديولوجية والسياسية وتجاذباتها، وتميل أعداد كبيرة منهم أكثر فأكثر نحو العنف، ويتحولون إلى مجرد أدوات تسيرها قوى اجتماعية وسياسية لها أجندات مختلفة عن تلك التي يجب أن تكون للشباب. إلى ذلك، يتزايد تحلل البنى الإنتاجية بالكامل، مع ما يصاحب ذلك من قيم لا تحض على التغيير، كالكسل والاتكالية والعزوف عن الإبداع والابتكار، وتتراجع قيم إيجابية، كالطوعية والإقبال على التعليم وغيرها، من سلم القيم الدافعة والمحفزة.
وسيكون دورنا في هذا الأمر من خلال التدريب والتأهيل وصنع قادة إداريين يمكنهم البدء في وضع خطط ومشاريع مستقبلية للنهوض بشبابنا لأنهم الركيزة الأساسية لبناء الدولة. وسيكون لهم دور في حكومتنا وسيتاح لهم الفرصة لتقلد المناصب بها وفق الكفاءة والتخصص.
■ كيف ستواجهين مشاكل الإنفلات الأمني وانتشار السلاح؟
بخصوص الملف الأمني فقد أجرينا العديد من اللقاءات مع العسكريين والثوار والجميع يؤيد ضبط الوضع الأمني وإعادة الهيبة للأجهزة الأمنية السيادية، وكذلك تأييد الجميع لمبدأ تسلم الشرطة والجيش مهام الأمن وتسليم الكتائب العسكرية أسلحتها، والانخراط في الحياة المدنية وانضمام العسكري للجيش الموحد على مستوي البلاد. وقد وضعت العديد من الخطط والبرامج التي تعتمد على تفكيك الميليشيات والجماعات المسلحة، وجمع السلاح المنتشر بالبلاد على فترات متقاربة محددة بتواريخ ثابتة، بالاضافة إلى وضع حافز يغري هذه الميليشيات لتتخلى عن مكتسباتها وسلاحها والاندماج في الحياة المدنية. ولا يمكن اعطاء تفاصيل أكثر من ذلك لأن الأمر حساس للغاية ويحتاج لسرية بالاجراء والتنفيذ.
■ كيف يمكن تحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة؟
المصالحة في حاجة إلى الكثير من الدعم والمساندة وهي أمور أساسية لا يمكن حدوثها دون اشراك المكونات الاجتماعية دون اقصاء أو تهميش والتي تضطلع بدور مهم وأساسي في هذه المرحلة التي تعاني فيها الدولة غياب القانون والكيان الموحد، حيث أن الأعيان والمشائخ بإمكانهم ايجاد حلول لمثل هذه الأمور، على أن يتم تحديد مكان يناسب الجميع وزمان يتفقون عليه لإلتقاء جميع ممثلي المناطق والقبائل من الأعيان والشيوخ ومن يرون فيه الكفاءة، ويطرح في هذا الاجتماع المشهود كل المسائل العالقة مهما كانت، من الشكاوى والمطالب بدون حرج، في مناخ من المصارحة والمكاشفة والشفافية، وما لا يتم حله باﻷعراف يتم إحالته على القانون. على أن تتم مناقشة قضية المليشيات الجهوية والقبلية من حيث إمكانية حلها أو ضمها للجيش، حيث يكون للأعيان والشيوخ كلمتهم بهذا الشأن.
الأمر الآخر؛ توجيه الإعلام حيث يجب أن تنطلق كل القنوات الإعلامية المرئية والمكتوبة والإلكترونية في وقت متزامن مع بدء الفعاليات اﻹجتماعية، فيتم بث برامج تحث على المصالحة وتكون ذات خطاب يوجه إلى ضرورة التوافق والتصالح بين المكونات الليبية المتنازعة والمتعارضة، عن طريق عرض التجارب العالمية في هذا الخصوص؛ كتجربة جنوب أفريقيا الرائدة في المصالحة، ثم بعد ذلك يأتي الجزء القانوني، فمن الضرورى أن يعمل الخبراء القانونيين الليبيين من أجل صياغة قرارات وقوانين وفقاً للعدالة اﻹنتقالية التي تتضمن جبر الضرر، وإعادة الحقوق، وعودة المهجرين والنازحين والإفراج عن السجناء وإغلاق السجون التي هي خارج سلطة الدولة، والاتفاق على الديات والتعويضات المالية، والحث على التسامح والعفو ما أمكن. وبعد أن يتم كل ما ذكر أعلاه، حينها يكون الوفاق بين المكونات السياسية مكملا لما سبقه، ويتم الاتفاق بين السياسيين على مختلف اتجاهاتهم ومنطلقاتهم من خلال تعديل «اتفاق الصخيرات» وفق أجواء أفضل، وتكوين حكومة مؤقته إلى أن يتم الاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على قاعدة صلبة لمصالحة حقيقية وعميقة وشاملة.
■ ما هي رؤيتك لمستقبل ليبيا؟
قضية الليبيين قضية احتياجات واقتصاد وإدارة وكرامة سياسية ووطنية، لهذا علينا أن نضع الخطط التنموية لنهضة البلاد وإعادة الإعمار وحل القضايا الاقتصادية والتنموية، بمعني محاولة خلق جنة اللّه على الأرض، في ظل وجود موارد مختلفة ووجود كفاءات ومهارات من الجنسين. وعلينا أن نعمل مثل الأمم المتقدمة الأخرى، فنفتح محالات التنافس الشريف في كافة المجالات وعلى رأسها مجالات الاقتصاد والتنمية والبناء وإعادة الاعتبار للتعليم وللثقافة كقوة ناعمة لتغيير المجتمع من مجتمع استهلاكي مدعوم إلى مجتمع خلاق منتج كريم.
ليبيا دولة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية، ولا يخفى على أحد اليوم أن الثروات الطبيعية في جزئها الأكبر ناضب ومنها الثروة النفطية، أما الثروة الدائمة فهي الثروة البشرية وهي الأساس وبدونها لن يكون هناك تقدّم أو تنمية صحيحة، ولن يتأتى ذلك إلا بوضع الخطط العلمية الوطنية وليس الشعارات والخطب والكلمات الرنانة لذلك لابد من تكتيف الجهود للبناء والإعمار.