تم إطلاق منبر المرأة الليبية من أجل السلام (LWPP) في أكتوبر 2011 من قبل أكثر من خمسة وثلاثين امرأة من مدن وخلفيات مختلفة لتأكيد أن المرأة لا تزال تشكل جزءا حيويا من مرحلة ما بعد القذافي في ليبيا، مع التركيز بشكل خاص على التحولات الشاملة، وحقوق المرأة، القيادات الشابة والتقدم والأمن وعلاقتها بمشاركة المرأة السياسية والاقتصادية، والإصلاح الدستوري، والتعليم.
أبرز المحطات في مسيرة منبر المرأة الليبية من أجل السلام
أُطلقت حركة منبر المرأة الليبية من أجل السلام (LWPP) في 7 أكتوبر 2011 من قبل أكثر من خمسة وثلاثين امرأة ليبية من مدن وخلفيات مختلفة، للتأكيد على أن المرأة الليبية لا تزال تشكل جزءا حيويا في مرحلة ما بعد انتفاضة 17 فبراير 2011. يركز منبر المرأة الليبية بشكل خاص على المرحلة الإنتقالية التي يجب أن تضمن مشاركة الجميع دون إقصاء، والعمل على توفير الأمن وبناء السلام المستدام، والعدالة الانتقالية والتصالحية، والنهوض بالمشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة والشباب، والإصلاح التشريعي والدستوري. ومنذ ذلك الحين نمى المنبر إلى شبكة تشمل أكثر من مائة منظمة وفرد.
لدى منبر المرأة الليبية من أجل السلام الخبرة في الحشد والتعبئة، وتيسير شبكات التواصل وإدارتها، فضلا عن النجاح في مجال أنشطة الحملات والضغط "اللوبي" فيما يخص القيادة السياسية للمرأة ومشاركتها الفاعلة. كما شارك المنبر في الجهود المبذولة فيما يتعلق بمشاركة المرأة في الإنتخابات البرلمانية، وإنشاء منابر حوارية حول السلام والأمن والمصالحة مع مختلف الأطراف الليبية.
في ديسمبر 2011 صاغ المجلس الوطني الانتقالي قانونا للانتخابات أثار جدلا واسعا وتعرض لانتقادات كثيرة كونه كان قائما على عقلية إقصائية ذكورية وقبلية. فنظم منبر المرأة الليبية من أجل السلام بالشراكة مع منظمات مدنية أخرى مظاهرات احتجاجية على ذلك القانون. كما قام المنبر، بالتعاون مع خبراء قانونيين معنيين بقضايا حقوق الانسان وبالعدالة الاجتماعية والقضايا الجندرية، بتشكيل لجنة مستقلة لصياغة قانون انتخابي أكثر استيعابا وتضمينا. ولضمان التمثيل المتساوي للنساء والرجال، اقترحت اللجنة قانونا انتخابيا على أساس ما يعرف بـ"قوائم السحاب"، أو القوائم الانتخابية الحزبية التي تتناوب عموديا وأفقيا بين المرشحين من الذكور والإناث.
وبالفعل تم اعتماد هذه المبادرة، وحققت نجاحا كبيرا، حيث سجلت 624 من النساء كمرشحات (من مجموع 3700)، إضافة إلى 540 من خلال الأحزاب السياسية (بتشجيع من قوائم السحاب) و84 كمستقلات. وفي يوم الانتخابات شارك اثنان وستون في المئة من الليبيين (40 في المئة منهم نساء) وأدلوا بأكثر من 1.7 مليون ورقة اقتراع.، وحصلت المرأة الليبية على 16.5 في المئة من المقاعد (ثلاثة وثلاثين مقعدا، منها اثنان وثلاثون من خلال القوائم الحزبية) في أول انتخابات برلمانية تجرى في ليبيا منذ اثنتين وخمسين سنة.
وبالتعاون مع كل من منظمة كرامة الدولية والمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة، نظم منبر المرأة الليبية من أجل السلام في العام 2013 برنامج التمكين السياسي للمرأة الليبية، بهدف وضع العدالة الاجتماعية والديمقراطية التضمينية على جدول أعمال المرحلة الانتقالية في ليبيا.
كما عمل منبر المرأة الليبية من أجل السلام ومنظمة كرامة والمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة مع منظمات المجتمع المدني لتأكيد نزاهة العملية الانتخابية، وإعادة صياغة الإعلان الدستوري، وإجراء مصالحات محلية أفقية، والإشراف على الإصلاحات في قطاعي العدالة والأمن، وضمان السياسات المستجيبة للنوع الاجتماعي. كما ركز برنامج التمكين السياسي للمرأة الليبية على التوعية بالقوانين القائمة التي تحمي المرأة والمهمشين، وتطوير استجابة نوعية للعنف ضد المرأة.
نظم منبر المرأة الليبية من أجل السلام، في الفترة من العام 2013 حتى نهاية العام 2014، سلسلة من فعاليات من جلسات حوارية لمناقشة إدراج حقوق المرأة في الدستور، عمل خلالها عدد من النشطاء والخبراء القانونيين والقضاة والعلماء على تحديد أولويات حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية.
وفي نوفمبر 2014 نظم منبر المرأة الليبية من أجل السلام، بالشراكة مع معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP)، ورشة عمل بحضور رائدات المجتمع المدني وناشطين من الشباب وقضاة وخبراء قانونيين وأعضاء من لجنة صياغة الدستور وعلماء الدين ممثلين عن رابطة علماء ليبيا، وبمشاركة عميد الدراسات العليا بجامعة الأزهر. نظر المشاركون في المسألة من وجهة نظر كل من الشريعة الإسلامية والقوانين والاتفاقيات الدولية، كما بحثوا عن سبل للتوفيق بين هاتين المرجعيتين. وكُللت هذه الجهود بإصدار وثيقة الحقوق الدستورية للمرأة الليبية.
في 17-18 فبراير 2015 -في الذكرى الرابعة للانتفاضة الليبية- أصدر منبر المرأة الليبيية من أجل السلام «استراتيجية للاستجابة للأزمات لتحقيق الاستقرار في ليبيا» والتي وضعها عدد من الليبيين من خلفيات متنوعة في اجتماع عقد وذلك بدعم من رابطة المرأة الدولية للسلام والحرية (WILPF). أتى اللقاء التشاوري في ضوء فشل مساعي المجتمع الدولي، وغياب أصحاب المصلحة الرئيسيين من محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة. ففي الوقت الذي يهدد فيه الإرهاب بابتلاع مدن ليبيا الواحدة تلو الأخرى ومع تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات مخيفة، يرى منبر المرأة الليبية من أجل السلام أنه هناك حاجة ماسة إلى إدراك جميع أطراف النزاع ضرورة وضع حد للانقسام السياسي. كما يؤمن المنبر بأنه رغم الحاجة للتوصل إلى حل سياسي يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن الليبيين أيضا بحاجة إلى استراتيجية متماسكة ومتكاملة وشاملة تتجاوز السياسي إلى الانساني.
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، 11 ديسمبر 2014، أطلق منبر المرأة الليبيية من أجل السلام، بالشراكة مع منظمتي كرامة والمساواة الآن، حملة «العدالة لسلوى هو العدالة للجميع». ففي يونيو ويوليو من العام 2014 اغتالت الميليشيات كل من سلوى بوقعيقيص وفريحة البركاوي، الناشطات والرائدات في مجال حقوق الإنسان، لأنهما كانتا من أبرز الأصوات للدعوة إلى الحوار والانتقال السلمي للسلطة. بعدها بشهرين اُغتيل في بنغازي الشابان الناشطان سامي الكوافي وتوفيق بن سعود، عضو منظمة بكرا، أحد شركاء منبر المرأة الليبية من أجل السلام. يأتي ذلك في إطار حملة ممنهجة من قبل العصابات المسلحة إلى اغتيال نشطاء المجتمع المدني.
دق منبر المرأة الليبيية من أجل السلام وشركاؤه ناقوس خطر النزاعات المسلحة وجرائم الحروب في مرحلة ما بعد الانتفاضة في ليبيا، والتي من شأنها الحد من قدرة المرأة على مشاركتها السياسية والمدنية الفعالة. كما اعتبر المنبر أن أهم عقبة أمام ممارسة المرأة لحقوقها كاملة وأمام مشاركتها السياسية هي العسكرة غير المنظمة والتطرف والعنف الذي تعاني منه ليبيا اليوم. وحمل المنبر وشركاؤه الدولة والمجتمع الدولي مسؤولية الفشل في نزع السلاح والحد من انتشاره، والفشل في تأهيل وتسريح وادماج الميليشيات، ومكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب. ولذلك يرى المنبر وشركاؤه أن استمرارهذا الوضع المأساوي الذي يهيمن عليه فوضى السلاح، فإنه لا يمكن وفرض سيادة القانون ولا يمكن للرجال والنساء ممارسة حقوقهم الأساسية.
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان عام 2015، أصدر منبر المرأة الليبيية من أجل السلام الفيلم الوثائقي «العدالة لسلوى هي العدالة للجميع». الفيلم برعاية منظمة كرامة الدولية وذلك ضمن برنامج صندوق الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين. وقد تم عرض الفيلم في بنغازي والعديد من البلدان في مختلف أنحاء العالم. تركز رسالة الفيلم على الحاجة الملحة لإنهاء إفلات أمراء الحرب من العقاب. كما يدعو الفيلم أيضا لحماية أفراد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان لتمكينهم من مشاركة آمنة في فعاليات السلم والمصالحة والسياسة.
ابتداء من عام 2015 وحتى حينه، وبدعم من منظمة Hivos، أطلق منبر المرأة الليبيية من أجل السلام برنامجا عن السلام المستدام. بدأ البرنامج بمتابعة عملية السلام في ليبيا التي تقودها الأمم المتحدة، والتي شارك فيها أعضاء من المنبر. وبعد عملية مراقبة وثيقة وتحليل، خلص المنبر من خلال ورقة سياسات إلى أن ضمان تحقيق السلام المستدام على المدى الطويل يحتاج إلى أكثر من مجرد اتفاق هش قائم على إيقاف للقتال وتقاسم السلطة. فبالإضافة إلى القضايا الهامة مثل الترتيبات الأمنية، والاصلاح الاقتصادي، وعملية مصالحة واسعة، وإنهاء الإفلات من العقاب، والحاجة إلى العدالة الانتقالية، يجب أيضا التصدي بخطة واضحة وناجعة لبرنامج نزع السلاح والتسريح والتأهيل وإعادة الإدماج. بمعنى آخر، تحتاج ليبيا سلك طريق السلام الإيجابي الشامل وليس السلام السلبي القائم على تقاسم السلطة فقط والإقصاء للمكونات الأساسية والفاعلة في المجتمعات المحلية.
لا يزال منبر المرأة الليبيية من أجل السلام بصدد بناء رؤية للسلام المستدام في ليبيا وذلك من خلال عدة محاور أولها بحث نوعي عن بناء الأمة ورأس المال الاجتماعي، والذي سينشر قريبا.